معنى قوله تعالى وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل

فتاوى نور على الدرب ( العثيمين ) ، الجزء : 5 ، الصفحة : 2 عدد الزيارات: 63903 طباعة المقال أرسل لصديق

يقول السائل ما معنى قوله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ)؟
 
فأجاب رحمه الله تعالى: يقول الله تعالى في هذه الآية الكريمة مبيناً حال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه عليه الصلاة والسلام رسول قد خلت من قبله الرسل أي مضت من قبله الرسل فبلغوا الرسالة ثم كان مآلهم إلى الفناء لأن كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام قد خلت من قبله الرسل ومضت في إبلاغ دعوتها إلى الله عز وجل ثم ماتوا كسائر البشر ثم ينـكر الله عز وجل على من تغيرت حاله لو مات النبي صلى الله عليه وسلم أو قتل فيقول (أَفَإِيْن مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ) أي ارتددتم عن الإسلام إلى الكفر إلى الوراء بعد أن تقدمتم إلى الإسلام ومن ينقلب على عقبيه فيكفر بعد ردته فإنه لن يضر الله شيئاً لأن الله سبحانه وتعالى غني عن عباده ولم يأمرهم سبحانه وتعالى بعبادته إلا لمصلحتهم لا لمصلحته هو أو لمنفعته فإنهم لن يبلغوا ضره فيضروه ولن يبلغوا نفعه فينفعوه قال الله تعالى (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ) فمن ينقلب على عقبيه بعد إسلامه فإنه لن يضر الله شيئاً وإنما يضر نفسه وسيجزي الله الشاكرين أي القائمين بطاعته أي الذين قاموا بحقيقة الشكر لأن حقيقة الشكر القيام بطاعة المنعم حيث ما تعلقت بالقلب أو باللسان أو بالجوارح وهذه الآية نزلت حين صاح الشيطان في المسلمين في غزوة أحد أن النبي صلى الله عليه وسلم قتل فضعفت نفوس بعض المسلمين من أجل هذه الشائعة الكاذبة الخاطئة فأنزل الله تعالى هذه الآية إشارة إلى أنه يجب على المسلمين وإن مات نبيهم أو قتل أن يذودوا عن شريعته وعن سنته في حياته وبعد مماته وفي هذه الآية دليل على أن الكفر هو التأخر والرجعية والانقلاب على العقب وأما الإسلام فإنه التقدم والمضي إلى الإمام فيما ينفع الإنسان في دينه ودنياه ويشهد لهذا قوله تعالى (أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبّاً عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيّاً عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) وبهذا عرف سبب نزول هذه الآية الكريمة وعرف المراد بها وأن الواجب على المسلمين أن يكونوا منتصرين لدينهم سواء كان ذلك في حياة نبيهم أو بعد مماته صلوات الله وسلامه عليه.