المقصود ب إرم

المنتقى من فتاوى الفوزان ، الجزء : 2 عدد الزيارات: 29418 طباعة المقال أرسل لصديق

 ـ ما معنى قوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ‏}‏ ‏[‏سورة الفجر‏:‏ الآيات 6-8‏]‏ وما المقصود بـ ‏{‏إِرَمَ‏}‏‏؟

‏ هذه القبيلة التي ذكرها الله سبحانه وتعالى هي من الأمم الكافرة والعاتية التي اغترت بقوتها وجبروتها؛ لأن الله أعطاها من القوة البدنية وقوة الحضارة والملك ما اغترت به، وطغت بسببه، قال تعالى‏:‏ ‏{‏فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ، فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِي أَيَّامٍ نَّحِسَاتٍ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَخْزَى وَهُمْ لا يُنصَرُونَ‏}‏ ‏[‏سورة فصلت‏:‏ الآيتين 15، 16‏]‏ لأنهم لما جاءهم نبي الله هود عليه السلام، ودعاهم إلى توحيد الله وعبادته تكبروا وتجبروا واغتروا بقوتهم، قد ذكر الله قصتهم في مواضع كثيرة من كتابه، ومن ذلك هذا الموضع من سورة الفجر‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ‏}‏ ‏[‏سورة الفجر‏:‏ الآيتين 6، 7‏]‏‏.
‏ قال الإمام ابن كثير رحمه الله‏:‏ ‏(‏وهؤلاء كانوا متمردين عتاة جبارين خارجين عن طاعته مكذبين لرسله جاحدين لكتبه فذكر تعالى كيف أهلكهم ودمرهم وجعلهم أحاديث وعبر فقال‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ‏}‏ وهؤلاء عاد الأولى وهم ولد عاد بن إرم بن عوص بن سام بن نوح، قال ابن إسحاق‏:‏ وهم الذي بعث الله فيهم رسوله هودًا عليه السلام فكذبوه وخالفوه، فأنجاه الله من بين أظهرهم ومن آمن معه منهم وأهلكهم ‏{‏بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ، سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ، فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ‏}‏ ‏[‏سورة الحاقة‏:‏ الآيات 6-8‏]‏‏.
‏ وقد ذكر الله قصتهم في القرآن في غير ما موضع ليعتبر بمصرعهم المؤمنون، فقوله تعالى‏:‏ ‏{‏إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ‏}‏ ‏[‏سورة الفجر‏:‏ آية 7‏]‏ عطف بيان وزيادة تعريف بهم‏.
‏ قوله تعالى‏:‏ ‏{‏ذَاتِ الْعِمَادِ‏}‏ لأنهم كانوا يسكنون بيوت الشعر التي ترفع بالأعمدة الشداد، وقد كانوا أشد الناس في زمانهم خلقة، وأقواهم بطشًا؛ ولهذا ذكرهم هود بتلك النعمة، وأرشدهم إلى أن يستعملوها في طاعة ربهم الذي خلقهم فقال‏:‏ ‏{‏وَاذكُرُواْ إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِن بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُواْ آلاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ‏}‏ ‏[‏سورة الأعراف‏:‏ آية 69‏]‏‏)‏ انتهى كلامه رحمه الله (3) وبه يتبين المراد بقوله تعالى‏:‏ ‏{‏أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ، إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ‏}‏ ‏[‏سورة الفجر‏:‏ الآيتين‏:‏ 6، 7‏]‏ والله أعلم‏.