|
( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) قوله تعالى ( ذلك عيسى ابن مريم قول الحق الذي فيه يمترون ما كان لله أن يتخذ من ولد سبحانه إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون ) وفيه مسائل : المسألة الأولى : قرأ عاصم وابن عامر : ( قول الحق ) بالنصب وعن ابن مسعود : ( قال الحق ) و ( قال الله ) وعن الحسن : ( قول الحق ) بضم القاف وكذلك في الأنعام : ( قوله الحق ) والقول والقال والقول في معنى واحد كالرهب والرهب والرهب ، أما ارتفاعه فعلى أنه خبر بعد خبر أو خبر مبتدأ محذوف ، وأما انتصابه فعلى المدح إن فسر بكلمة الله أو على أنه مصدر مؤكد لمضمون الجملة كقولك : هو عند الله الحق لا الباطل ، والله أعلم .
المسألة الثانية : لا شبهة أن المراد بقوله : ( ذلك عيسى ابن مريم ) الإشارة إلى ما تقدم وهو قوله : ( إني عبد الله آتاني الكتاب ) أي : ذلك الموصوف بهذه الصفات هو عيسى ابن مريم ، وفي قوله : ( عيسى ابن مريم ) إشارة إلى أنه ولد هذه المرأة وابنها لا أنه ابن الله .
فأما ( قول الحق ) ففيه وجوه : أحدها : وهو أن نفس عيسى عليه السلام هو قول الحق وذلك لأن الحق هو اسم الله فلا فرق بين أن نقول عيسى كلمة الله وبين أن نقول عيسى قول الحق .
وثانيها : أن يكون المراد : "ذلك عيسى ابن مريم القول الحق " إلا أنك أضفت الموصوف إلى الصفة فهو كقوله : ( إن هذا لهو حق اليقين ) ( الواقعة : 95 ) وفائدة قولك : القول الحق تأكيد ما ذكرت أولا من كون عيسى عليه السلام ابنا لمريم .
وثالثها : أن يكون ( قول الحق ) خبرا لمبتدأ محذوف كأنه قيل ذلك عيسى ابن مريم ووصفنا له هو قول الحق فكأنه تعالى وصفه أولا ثم ذكر أن هذا الموصوف هو عيسى ابن مريم ثم ذكر أن هذا الوصف أجمع هو قول الحق على معنى أنه ثابت لا يجوز أن يبطل كما بطل ما يقع منهم من المرية ويكون في معنى ( إن هذا لهو الحق اليقين ) .
فأما امتراؤهم في عيسى عليه السلام فالمذاهب التي حكيناها من قول اليهود والنصارى وقد تقدم ذكر ذلك في سورة آل عمران ، روي أن عيسى عليه السلام لما رفع حضر أربعة من أكابرهم وعلمائهم فقيل للأول ما تقول في عيسى ؟ فقال : هو إله والله إله وأمه إله ، فتابعه على ذلك ناس وهم الإسرائيلية ، وقيل للرابع ما تقول ؟ فقال : هو عبد الله ورسوله وهو المؤمن المسلم ، وقال : أما تعلمون أن عيسى كان يطعم وينام وأن الله تعالى لا يجوز عليه ذلك ؟ فخصمهم .
أما قوله : ( ما كان لله أن يتخذ من ولد ) فهو يحتمل أمرين : أحدهما : أن ثبوت الولد له محال فقولنا : ( ما كان لله أن يتخذ من ولد ) كقوله ما كان لله أن يقول لأحد إنه ولدي لأن هذا الخبر كذب والكذب لا يليق بحكمة الله تعالى وكماله فقوله : ( ما كان لله أن يتخذ من ولد ) كقولنا : ما كان لله أن يظلم أي لا يليق ذلك بحكمته وكمال إلهيته ، واحتج الجبائي بالآية بناء على هذا التفسير أنه ليس لله أن يفعل كل شيء ؛ لأنه تعالى صرح بأنه ليس له هذا الإيجاد أي : ليس له هذا الاختيار وأجاب أصحابنا عنه بأن الكذب محال على الله تعالى فلا جرم قال : ( ما كان لله أن يتخذ من ولد )
جميع الحقوق محفوظة لموقع ن للقرآن وعلومه ( 2024 - 2005)
nQuran.com
اتفاقية الخدمة وثيقة الخصوصية