شرح قوله(إنما حرم عليكم الميتة والدم) الآية

فتاوى الشيخ ابن باز عدد الزيارات: 56503 طباعة المقال أرسل لصديق

قال الله تعالى: ((إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ)) [البقرة:173]، اشرحوا لي هذه الآية الكريمة ولاسيما كلمة الدم، هل كان الناس يأكلون الدم قبل نزول هذه الآية؟


نعم كانت العرب تأكل الدم وتشرب الدم، فإذا احتاجوا فصدوا الإبل وشربوا الدماء، فالله نهاهم عن هذا إذا كان مسفوحاً وهو الذي يصب من العروق أو غير العروق، أما الدم الجامد كالكبد فهذا لا بأس إذا أكل الإنسان الكبد؛ لأنها ليست دماً مسفوحاً، فلا حرج في ذلك، وكانوا في الجاهلية يأكلون الدم ويفصدون الحيوانات ويشربون من دمائها فحرم الله عليهم ذلك، وبين سبحانه في الآية الأخرى: (أو دماً مسفوحاً) يعني مراقاً، فهذا هو وجه التحريم، الدم المراق لأنه سنة في الجاهلية ولأن في ذلك ضرراً على شاربه، والميتة معروفة، ولحم الخنزير معروف، وما أهل به لغير الله هو الذي يذبح لغير الله كالذبيحة تذبح للجن أو للأصنام أو للكواكب هذا الذبيحة محرمة إذا ذبحت لغير الله، فمن اضطر إلى الميتة أو غيرها فله الأكل من ذلك غير باغ ولا عاد، غير ظالم ولا باغ على إخوانه المسلمين، فالباغي والعادي..... فيها أنواع: منها البغاة يخرجون على السلطان فهم الظالمون بذلك، ومنها المتعدي الذي يتعدى بأكله من الميتة بغير ضرورة ولا حاجة، فلا يسمى مضطراً، وبعض أهل العلم ذكر في ذلك أمراً آخر وهو أن يسافر سفراً يعتبر معصية فيعتبر متعدياً أيضاً وليس له رخصة، ولكن الأقرب والله أعلم بأنه مقيد بأن يكون أكله غير باغ ولا عاد، إنما ضرورة، إذا كان للضرورة يعني لا يجد شيئاً، أما إذا تعدى بأن أكل بغير ضرورة أو تعاطى من الميتة بغير ضرورة فيسمى باغٍ ويسمى عادٍ متعدٍ لحدود الله عز وجل، أما إذا اضطر إلى ذلك بسبب سفر معصية أو شبه ذلك مما قد يوقعه في الحاجة والضرورة إلى الميتة فهو داخل في الآية الكريمة؛ لأن الآية مجملة (غير باغٍ ولا عادٍ) فالباغي هو الذي يتعدى الحدود ويبغي على الناس والعادي الذي كذلك يتعدى على الناس إما بكونه يأكل بغير ضرورة أو يبغي على الناس ويتعدى عليهم بدون حق ودون سبب شرعي، فهذا هو الذي يمتنع عليه هذه الأشياء، وإنما يكون مضطراً إذا كان لا يجد شيئاً حتى يخاف على نفسه فيأكل من الميتة أو من الخنزير أو ما أهل به لغير الله أو من الدم للضرورة التي وقع فيها، نسأل الله العافية.