التوفيق بين هذه الأيات الكريمات

المنتقى من فتاوى الفوزان ، الجزء : 2 عدد الزيارات: 21536 طباعة المقال أرسل لصديق

  قال تعالى‏:‏ ‏{‏ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ‏.
‏‏}‏ ‏[‏سورة فاطر‏:‏ آية 32‏]‏ الآية، وقال أيضًا‏:‏ ‏{‏وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللَّهَ يَجِدِ اللَّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا‏}‏ ‏[‏سورة النساء‏:‏ آية 110‏]‏، وقال تعالى في سورة يوسف على لسان امرأة العزيز‏:‏ ‏{‏وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ‏}‏ ‏[‏سورة يوسف‏:‏ آية 53‏]‏، وقال أيضًا‏:‏ ‏{‏مَّا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِكَ‏}‏ ‏[‏سورة النساء‏:‏ آية 79‏]‏ فالآيتان الأوليان تدلان على أن الإنسان هو الظالم لنفسه لكونه خالف أوامر ربه تعالى، وفي الآيتين الأخريين فيهما البيان أن النفس هي الظالمة للإنسان لكونها تأمره وتحثه على فعل السوء، فكيف الجمع بينهما مع إيماني الشديد بأن القرآن لا تعارض فيه، ولكن أريد التوفيق بين تلك الآيات الكريمات جزاكم الله خيرًا‏؟

لا تعارض بين هذه الآيات الكريمة التي ذكرها السائل، وذلك لأن الآيات الأولى فيها أن الإنسان يظلم نفسه بتعريضها لعذاب الله سبحانه وتعالى، وفي الآيات الثانية أن النفس أمارة بالسوء نزاعة للشر محبة للشهوات المحرمة فالإنسان يظلمها إذا تركها‏.
‏ مع هواها وأفسح لها المجال في تناول ما تشتهيه من المحرمات، لأن الله استرعاه عليها وأمره بحفظها والأخذ بزمامها وعدم تركها مع ما تشتهيه مما يضرها، قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا، فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا، قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا، وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا‏}‏ ‏[‏سورة الشمس‏:‏ الآيات 7-10‏]‏ فالإنسان يظلم نفسه إذا تركها تتناول ما تشتهي من المحرمات، فلا تعارض والحمد لله‏.